هنا أقف على شعر جدنا الإمام البوصيري؛ أو الأبوصيري (نسبة الى بلده "بوصير" أو "أبوصير" ) ، في سلسلة متصلة ؛ بإذن الله :بداية : من هو الإمام البوصيري ؟هو ..
محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله بن صنهاج بن هلال الصنهاجي
(نسبة إلى صنهاجه بلدة ببلاد البربر بالمغرب الأقصى)
كان أحد أبويه من دلاص والآخر من بوصير " واسمها الآن : أبوصير ".
وهما قريتان من قرى محافظة بني سويف بصعيد مصر فنسب إليهما فقيل له
الدلاصيري ولكنه شُهر بعد ذلك بالبوصيري.
وكان مولده في العصر المملوكي بـ" دلاص " ومرباه في " أبوصير ".
ولد رحمه الله في أول شوال سنة 608 هجرية الموافق : 7 مارس 1312 ميلادية ؛
وتوفي سنة 695 ودفن بالإسكندرية فكان عمره حين وفاته 87 سنة.
وله مسجد في بلده التي نشأ فيها "أبوصير " أسمه ، " مسجد البردة المشرفة "
تعلم في صباه الكتابة والقراءة وحفظ القرءان الكريم وتلقى مبادئ العلوم ،
وتدرج في علم الأدب والكتابة فبرز في الشعر والنثر تبريزا حببه إلى حكام مصر
فولوه بعض الأعمال الكتابية في مديرية الشرقية ببلبيس وقد كان في أول عهده يسلك في شعره مسالك الشعراء
من مدح وذم وشكوى.
ولكنه في كهولته تزهد . فصفت نفسه وصلح أمره وخلص لعبادة ربه.
وفُتحَ عليه في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم
فمدحه بقصائد تزهو على شعر الفحول بالسهولة والجمال والجلال طار بها صيته وخلد بها ذكره.
فمنها البردة وهي (القصيدة الميمية) والتي نظمها في علة أصابته فبريء منها بسببها
إذ أنشدها على رسول الله في المنام فخلع عليه بردته الشريفة ومسح على جسده فعوفي لوقته .
ومنها الهمزية التي جمعت سيرة النبي مفصلة وغيرهما مما هو مشهورٌ معروف لدى الخاص والعام
نفعنا الله بالممدوح والمادح في دار الدنيا ودار السلام... آمين.
البردة المشرفة (1)
والمسمّاة «الكواكب الدريّة في مدح خير البريّة»
وتسمى أيضاً بالبرءة (لئن صاحبها قد شفي "برئ" من مرضه بسببها )
* القصيدة : في مدح النبي (صلى الله عليه وسلم )* القصيدة من بحر : البسيط* عدد أبياتها : 158 "ثمانية وخمسون ومائة "بيت .* أول عشر أبيات من قصيدة البردة مع الشرح: أمنْ تذكر جيرانٍ بذي سلمٍ *** مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بدمِأتذكرت أملك ومنتهى ما تصبو إليه نفسك بتلك الأماكن النائية التي عجزت عن الوصول إليها فبكيت هذا البكاء الحار الذي امتزج فيه دمعك بدمك؟أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ *** وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضمِأم هبت الريح من جهة هذه الديار فشممت شذا أنفاس الحبيب. أومض البرق فذكرت بريق ثغر. فيه ماء حياتك ومنبع ارتوائك؟فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتا *** وما لقلبك إن قلت استفق يهمِما لك لا تجيب، أتظن أن سكوتك هذا يخفي ما عندك من حب.وإذا سلمنا أنك غير محب فما لعينيك أن زجرتهما عن البُكاء لا تكفان.وما لقلبك إن قلت له ارجع إلى طريق الهدى يعصك ويظل هيمان؟أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتمٌ *** ما بين منسجم منه ومضْطَّرمِأحسبت أن حبك يخفى على الناس، وقد ظهر بهذا الدمع المُنسكب والقلب المُلتهب؟ لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ *** ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلمِلولا الهوى يا صاح لم ترق هذه الدموع ، ولا حُرمت لذيذ النوم لذكرى ديار نائية ليست لك بوطن، ولا كنت في واد وعقلك في واد.فكيف تنكر حباً بعد ما شهدتْ *** به عليك عدول الدمع والسقمِفيا عجباً من إنكارك الحب، وقد شهد به عليك شاهد عدل إن أصررتَ على الكتمان،كان فيهما ما ينفي كل شك، هما الدمع والسقم، وفوق هذا لدينا حجة أُخرى، هي أن دمعك سبق سقمك، ولو سبق الضعف الدمع لتوهمنا أن الدمع نتيجة الألم،فما فائدة كتمانك وقد قامت عليك الحجة ولزمك الدليل؟. وأثبت الوجد خطى عبرة وضنى *** مثل البَهار على خديك والعنموزيادة عن كلّ ما تقدم من أدلة فقد أكد لنا وجدَك علامتان محسوستان هما اصفرار وجهك واحمرار دمعكوهما من علامات العشاق، فأولى بك الاعتراف لعل الله الذي ابتلاك أن يهدينا إلى مداواتك بما يزيل علاتك.نعم سرى طيف من أهوى فأرَّقني *** والحبُّ يعتَرضُ اللّذات بالألمأما وقد ظهر حبي بما لا سبيل معه إلى الإنكار، فنعم يا صاح، سرى خيال حبيبي فنبهني من سبات الفكر فيهإلى يقظة الحرمان منه إذ فرحتُ بإقباله فأسرعت للقائه، فإذا أنا في مكاني وهو حيث أعلم فما أشأم عجلتي التي قطعت لذيذ أحلامي ولكن هي سنة الحبفإن من طبعه أن يقطع أسباب اللذات بسيف الألم، وهكذا كان معي إذ حرصت على التَّمتُّع بجماله، فحال بيني وبين خياله.يا لائمي في الهوى العُذري معذرة *** مني إليك ولو أنصفت لم تَلُملما أقر بحبه أحس بخطئه في إذاعته سره فوجه معذرته إلى من يتوقع منه اللوم على الحبفقال يا لائمي في اعترافي بهواي البريء من كل شين إني أعتذر إليك فيما فرط مني. ولو أنصفتني ما وجهت إلي أي لوم.عدتك حالي لا سرّي بمُستَتر *** عن الوُشاة ولا دائي بمُنحَسملأن سري قد أفشاه الدمع، ودائي لا دواء له إلا بالوَصل، وهو بعيد الحصول لعُلُو مقام المحبوب وبعد داره،فحالي تتطلب الرحمة.أشهر أبيات القصيدة :والنُّفس كالطِّفلِ إن تُهملهُ شَبَّ على *** حُبِّ الرَّضاعِ وإن تَفطِمهُ ينفطِمِوقولهأستغفرُ الله من قولٍ بِلا عملٍ *** لقد نَسَبتُ به نسلاً لِذي عُقُم ِوقولهمحمدٌ سيّدُ الكونَيْنِ والثقل *** نِ والفريقينِ مِن عُربٍ ومن عَجَمِنَبِيُّنا الآمِرُ الناهي فلا أحَدٌ *** أبَرَّ في قولٍ لا مِنْهُ ولا نَعَمِِهو الحبيبُ الذي تُرجى شفاعتهُ *** لِكٌلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقتَحَمِوقولهوانسب إلى ذاتِهِ ما شئت من شَرَفٍ *** وانسُبْ إلى قَدرِهِ ما شِئتَ مِنْ عِظَمِوإليكم رابط لنص قصيدة البردة كاملة : بصيغة pdfللتحميل : من هناوهذا شرح القصيدةكاملة :للتحميل : من هــــنا* مما هو جدير بالذكر : أن أمير الشعراء " أحمد شوقي " كتب قصيدة نهج فيها نهج "بردة الإمام البوصيري " والمسماة :بـ " نهج البردة " :وكان مطلعها- ريم على القاع بين البان والعلمأحل سفك دمي في الأشهر الحرمكما نهج أمير الشعراء " شوقي" أيضاً نهج الإمام البوصيري في قصيدته الهمزية .